المغرب يتجه لتكرير نجاحات اختراقاته الدبلوماسية في إفريقيا نحو قارة أمريكا اللاتينية مما يقربه أكثر من حل نزاع الصحراء لصالحه
يواصل المغرب تحقيق نجاحات مهمة على الصعيد الدولي في قضية الصحراء، تمثلت في سحب المزيد من الدول اعترافها بما يُسمى بـ"الجمهورية الصحراوية" المعلنة من طرف جبهة البوليساريو، مقابل تزايد الدعم لمقترح الحكم الذاتي الذي تطرحه المملكة، وآخر هذه النجاحات تمثل في إعلان بنما سحب اعترافها بهذا الكيان الانفصالي، مما يعكس تحولا ملحوظا في مواقف دول أمريكا اللاتينية لصالح الموقف المغربي.
ويضاف هذا التطور إلى سلسلة النجاحات الدبلوماسية التي سبق أن حققتها الرباط في القارة الإفريقية، حيث تمكنت من تعزيز علاقاتها مع العديد من الدول التي كانت في السابق تعترف بالكيان الانفصالي، وهي تطوارات تؤكد التحول الدولي نحو دعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، ما يمنح المغرب زخما إضافيا في مساعيه لحل نزاع الصحراء لصالحه، وطرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي.
وفي تصريح لرئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، محمد سالم عبد الفتاح، أوضح أن "الاعتراف الدولي يعد عنصرا مهما في الشرعية الدولية، ولكنه لا يكتمل إلا بحسم العناصر المادية للدولة، وهي الإقليم، والشعب، والسلطة، وهذه العناصر محسومة لصالح المغرب"، مضيفا أن اعترافات الدول بالكيان الانفصالي كانت مرتبطة بالسياقات الأيديولوجية للحرب الباردة، لكنها تغيرت مع التطورات السياسية العالمية، لاسيما بعد انهيار تلك الحقبة.
وأوضح عبد الفتاح في هذا الصياق ضمن تصريح لـ"الصحيفة" أن السنوات الأخيرة شهدت تحولا كبيرا في مواقف الدول الإفريقية بالخصوص، ضاربا أمثلة تشاد ومالاوي، اللتين سحبتا اعترافهما بالكيان الانفصالي وانخرطتا في دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، مشيرا إلى أن الدول التي لا تزال تعترف بالكيان قليلة جدا، واعترافاتها تفتقر إلى أي إجراءات ملموسة أو علاقات دبلوماسية واقتصادية فعّالة.
في المقابل، استثمرت المملكة موقعها الاستراتيجي وجهودها الدبلوماسية لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، خاصة من خلال مبادراتها المتعلقة بالاندماج الإقليمي ورعاية السلام، حسب المتحدث نفسه، مضيفا أن هذه التحركات مكنت المغرب من تكريس موقفه كفاعل رئيسي في القارة الإفريقية ومحيطه الإقليمي.
وعلى مستوى الاتحاد الإفريقي، قال عبد الفتاح الخبير في قضية الصحراء، أن عضوية البوليساريو باتت على محك الطرد، بالنظر إلى افتقار الكيان للشروط الموضوعية للعضوية، بما في ذلك عدم اعتراف الأمم المتحدة به، إلى جانب ذلك، ترتبط جبهة البوليساريو بأنشطة الإرهاب والجريمة المنظمة، ما يضعف موقفها في الساحة الدولية.
من جهة أخرى، أشار الخبير ذاته إلى أن العديد من القوى الدولية بدأت في مراجعة مواقفها تجاه النزاع، خاصة اليسارية منها، التي أصبحت ترى الكيان الانفصالي ككيان رجعي لا يعكس طموحات الشعوب. في المقابل، يظهر سكان الأقاليم الجنوبية إقبالا كبيرا على المشاركة في الانتخابات المغربية، مما يفند الادعاءات المتعلقة بتمثيل البوليساريو لهم.
كما أشار عبدا الفتاح في السياق الإفريقي دائما إلى أن مشاريع استراتيجية مثل أنبوب الغاز المغربي-النيجيري أثرت على مواقف بعض الدول الكبرى، حيث تبنت نيجيريا على سبيل المثال موقف الحياد تجاه النزاع، بينما اتجهت أنغولا نحو دعم الجهود الإقليمية وتعزيز التكامل بين بلدان إفريقيا الأطلسية.
هذه النجاحات الدبلوماسية، مقرونة بالجهود التنموية التي تبذلها المملكة في الأقاليم الجنوبية، تمثل ركيزة أساسية في تكريس موقف المغرب كفاعل دولي رئيسي. ومع تصاعد التحديات التي يواجهها الكيان الانفصالي، يبدو أن الرباط تسير بخطى ثابتة نحو حسم النزاع لصالحها، وفق محمد سالم عبد الفتاح.
كما أن ما يُعزز هذا الطرح، هو بدء الرباط في حصد نجاحات مهمة في قارة أمريكا اللاتينية التي كانت منذ سنوات قليلة من بين أبرز القلع الداعمة للكيان الانفصالي، قبل أن تحدث مؤخرا تطورات متسارعة تخدم مصالح المغرب، حيث أعلنت عدد من دول الكراييبي دعمها للمغرب في قضية الصحراء، وسحبت دول من مثل بنما والإكوادور اعترافاتهما بجبهة البوليساريو، بينما تتجه دول أخرى، مثل الباراغواي لإعلان مواقف مساندة للمغرب في القضية أيضا.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :